الأحد، 25 ديسمبر 2022

 من الذاكرة الليبيه

"خالد القرقنى "
من الأسماء التى قد لايتذكرها الكثيرون لكنها تركت أثرها فى التاريخ المعاصر وحتى على المستوى الإقليمى...بفضل ما امتلكه من حس سياسى وإدارة حكيمة وقدرة على التصرف وانه كان شخصية لها تاريخ نضالي وسياسى على مدى حياته ولعقود طويلة * -الشيخ - خالد القرقنى ... ولد "خالد القرقنى " او " محمد خالد القرقنى " فى طرابلس الغرب عام 1882م لأسرة تجارية معروفة وكان لها شأنها ودورها فى إدارة المدينة آنذاك حيث تشير المصادر أن جده " على القرقنى " ( وبعض المصادر تقول أنه عمه ) كان قد عين شيخا لمدينة طرابلس بالعهد التركى بالقرن التاسع عشر وتحديدا عام 1858 ..واستمر كذلك حتى تكوين نظام ادارى جديد عام 1870 فأصبح اول عميد لبلدية طرابلس والذى ظل به لفترة وجيزة قبل أن يهاجر لتركيا وتوفى بإسطنبول عام 1874.. حسب ماكتب عنه المؤرخين والباحثين من امثال " خير الدين الزركلى " فى كتابه " كتاب الاعلام -الجزء الثانى " وفؤاد حمزة ( كان من مستشارى الملك عبد العزيز ) و (محمد سعيد القشاط -سفير ليبيا فى السعودية سابقا وصاحب كتاب -ليبيون فى الجزيرة العربية ) وفهد السمارى ..وما نشر عنه بالصحف مثل صحيفة " ام القرى " وبعض المصادر الأخرى عن اسمه ونسبه وحياته وجهاده . فقد اشتهر بإسم "خالد القرقنى " وكان يعرف أيضا ب "أبو الوليد " وأشار " الزركلى " أن اسمه " خالد بن أحمد " بينما ذكر القشاط أن اسمه " محمد خالد القرقنى " ويذكر السمارى أن إسمه بالكامل هو " خالد بن أحمد بن عياد آل هود " وفى أحد الوثائق يرد اسمه على هذه الصورة " خالد بك أبو الوليد آل هود" ..وتشير بعض المصادر إلى ان نسبته إلى جزيرة قرقنة " التونسية إلا أنه ذكر أن جذوره ترجع إلى اليمن التى هاجر منها جده إلى تونس ثم نفى إلى جزيرة قرقنة ولذلك نسب إليها واصبحت عائلته تعرف بالقرقنى ..ويؤكد القشاط أن خالد القرقنى لم يكن يعرف بليبيا بلقب " آل هود " ولا يعرف السبب فى وجود لقب آل هود وهل هو نسبة إلى آل هود الذين أسسوا إمارة بالأندلس أم لسبب آخر؟!. أما عن خالد القرقنى ونشأته..فقد درس بمدارس طرابلس وتخرج من المدرسة " الرشيدية " (كانت تضاهي وقتها -المدرسة العليا -أو المراحل المتقدمة من التعليم وكان منها المدنى ومنها العسكرى ) .. عمل بعدها بالتجارة ..ثم عينته السلطات التركية " قائمقام في منطقة " النواحي الأربعة " القريبة من طرابلس واستمر كذلك حتى بداية الغزو الايطالى ..فكان من أوائل المجاهدين الذين قاتلوا ضد الطليان إلى أن وقع "صلح او معاهدة اوشى لوزان " عام 1912 بين الإحتلال الإيطالى والسلطة العثمانية ..والتى انسحبت بموجبها القوات العثمانية من ليبيا..وانقسم الليبيون بعدها إلى فريقين ..فريق مؤيد للصلح وفريق مؤيد للحرب والمقاومة ..وكان خالد القرقنى من الفريق المؤيد للصلح والقى بذلك السلاح.. ولكن شهدت فترة الجهاد مشاركاته النضالية مع غيره من المجاهدين ودوره أيضا فيما بعد ذلك والذى اتخذ شكلا دبلوماسيا ..ولأنه كان يجيد عدة لغات فقد اختاره المجاهدون فى مراحل الغزو الايطالى الأولى للبلاد ليكون ممثلهم ومندوبهم بالمحافل الدولية ومن ذلك اختياره للذهاب إلى البرلمان الايطالى بروما لاستقطاب وكسب الأصوات المعارضة من أعضاء البرلمان للغزو الايطالى لليبيا وكان ذلك قبل ان يستولى الفاشستيين على الحكم بايطاليا .وحتى بعد مجىء الفاشيين لحكم ايطاليا وانتهاء المعارضة البرلمانية استمر فى جهوده لدعم قضية بلده فظل يلتقى بالمعارضين الايطاليين للحكم الفاشى خارج ايطاليا وذلك بسويسرا ويعقد معهم التحالفات . كما يذكر عنه انه اشترك فى معارك عدة مع المجاهدين ضد الطليان ومنها معركة الشط والهانى وعين زارة عام 1911 واستمر دوره النضالى كما أشرت إلى أن حدث انسحاب العثمانيين بعد معاهدة " لوزان " .. بعد هذا الحدث ظل مقيما بطرابلس إلى أن التحق بما عرف " بهيئة الإصلاح المركزية " والتى كانت تمثل الحكومة الوطنية لطرابلس الغرب عام 1920 وكان ممن اختارتهم الهيئة كمندوب عنها ضمن وفد " مؤتمر غريان " إلى روما أواخر عام 1920 لقيادة مفاضات مع الحكومة الايطالية هناك ونقل مطالب المجاهدين باستقلال البلاد واقامة حكومة ذاتية اسلامية موحدة لليبيا وكان الوفد برئاسة الشيخ المجاهد " محمد فرحات الزاوى" الزاوية " ويضم الوفد " محمد خالد القرقنى "طرابلس " - محمد نورى السعداوى " الخمس " -الصادق بن الحاج وعبد السلام البوصيرى .. كما سبق الإشارة ووصل الوفد بسبب صعوبات واجهته إلى هناك أوائل 1921 وبقى الوفد 9 أشهر هناك ورغم محاولات الوفد المتواصلة إلا أنه لم يكتب له الوصول إلى أى نتائج وباءت مهمة الوفد بالفشل وعاد الوفد للوطن بينما بقى الشيخ القرقنى بايطاليا فى محاولات مستمرة لجهوده فى الحصول على رد ايجابى لمطالب طرابلس ولما لم تنجح جهوده غادر لفرنسا ثم تونس وبرا إلى طرابلس عارضا نتائج زيارته على " هيئة الإصلاح المركزية " تم اختياره مرة أخرى من قبل الهيئة ضمن وفدها فى مفاوضات " فندق الشريف " بمارس 1922 وكان بالوفد كل من "مختار بك كعبار - فرحات بك الزاوى - عبد الرحمن بك عزام -الصويعى الخيتونى -احمد بك السويحلى -احمد بك المريض - حسين افندى بن جابر - عثمان القيزانى -عمر ابو دبوس - وغيرهم العديد " وباءت المفاوضات ايضا بالفشل . ومع دوره النضالى كان أيضا مهتما لتجارته التى كانت مهنته الاساسية .إلا أن ذلك لم يمنعه من أن تكون صلته بالسياسة مستمرة بشكل أو بآخر واختيار مقاومة الاحتلال ومناهضته من خلال الحراك السياسى فبعد اختياره من ضمن الوفد الليبى الذى أرسل الى روما بعد " مؤتمر غريان " الذى شارك به بنوفمبر عام 1920 مع العديد من زعماء وكبار أعيان المجاهدين الطرابلسيين من ضمنهم صهريه " الشيخ المجاهد " احمد راسم بك كعبار " و المجاهد السيد عبد الرحمن بك عزام " والذى أصبح فيما بعد أول أمين للجامعة العربية بالقاهرة وكذلك صديقه السيد المجاهد "بشير السعداوى " (عمل السيد بشير السعداوى ايضا كمستشار للملك عبد العزيز لفترة معينة قبل ان يعود لليبيا ثم يستقر بمصر ) كما ذكرت سافر الى موسكو بالاتحاد السوفييتى وقتها لحضور " مؤتمر مناهضة الاستعمار " والذى عقد وقتها بيونيو عام 1921 وكان ذلك رفقة السياسى والمجاهد "مصطفى ميزران" والتقيا خلال وجودهما هناك بالزعيم الروسى -زعيم الثورة البلشفية ومؤسس المذهب السياسى اللينينى ورئيس الحزب الشيوعى " فلاديمير لينين " وعرضا عليه قضية بلدهما والحرب مع ايطاليا. ويذكر " محمد سعيد القشاط " أنه أول عربى يسافر الى موسكو عام 1917 لتهنئة الروس بالثورة البلشفية ... من رحلته لموسكو لحضور المؤتمر المذكور اتجه منها الى تونس ليعود الى ليبيا وليعود هذه المرة مجددا الى ميدان الحرب ضد الطليان وذلك بمنطقة "الجبل الغربى " وينضم لقادة المقاومة بجبل نفوسة ومنهم " سوف وابنه عون المحمودى وعبد الله تامسكت " ومع احتلال الطليان للجبل و مطاردات المستعمرين المستمرة له ولمن معه ارتحل من منطقة لاخرى لترهونة وغيرها حتى استقر فى "السدادة " وذلك عام 1923 حيث حضر هناك آخر إجتماع للهيئة المركزية.. ثم غادرها الى "سرت "ومنها إلى" جالو" ثم "الجغبوب " ثم "سيوة" حيث دخل مصر عام 1924 مع مجموعة من المجاهدين بعد سقوط المقاومة بالغرب الليبى وطالبت ايطاليا بتسليمهم وقتها إلا أن خالد القرقنى استطاع الخروج من مصر والوصول الى اسطنبول بتركيا حيث اقام هناك وتحصل على الجنسية التركية بينما تم مصادرة املاكه فى ليبيا بموجب قرار اصدرته سلطات الاحتلال الإيطالي كما تم مصادرة املاك غيره من قيادات المجاهدين وذلك عام 1925.. .ومما تذكره الكتابات والمصادر عنه ايضا انه هاجر فى العشرينات بعد احتلال ايطاليا لغريان وطرابلس وفزان إلى سوريا واستقر لفترة بدمشق مع كل من السيد "عمر فائق شنيب -بشير السعداوى وفوزى النعاس وعبد الغنى الباجقنى وغيرهم من الذين هاجروا لسوريا تلك الفترة * القرقنى والجزيرة العربية والحجاز .. كان هذا الجزء الخاص بنشأته وحياته ودوره بليبيا ليبدأ بعدها دور آخر له وله أيضا علاقة بالسياسة ولكن خارح حدود الوطن ..بالجزيرة العربية وتحديدا بالسعودية .. فقد كان بذلك الوقت بدايات القرن العشرين .. يؤكد بعض الباحثين ان الملك "عبد العزيز " هو الحاكم العربى الوحيد الذى أحاط به مستشارون من معظم الجنسيات العربية وكان يستعين بهم وبمشوراتهم دونما تحفظ او تمييز وكان ديوانه اول وآخر مجلس حكم منذ الدولة العباسية والذى يوجد به مستشارون من مصر وسوريا وليبيا والعراق ولبنان وفلسطين يستعين بهم ويستشيرهم ويأخذ بما يراه مناسبا من أرائهم بمختلف القضايا. وكان الليبى "خالد القرقنى ضمن الدفعة الثانية من المستشارين العرب الذين التحقوا بخدمة الملك"عبد العزيز " فقد كانت هناك دفعة قبله سبقته من المستشارين العرب ابرزهم " الدملوجى -حافظ وهبة -'يوسف ياسين -فؤاد حمزة - رشدي ملحس " وقد تميز خالد القرقنى عن تلك المجموعة وعن غيره من المستشارين بأنه لم يكن مرتبطا بوظيفة رسمية او مناصب ادارية تقيده وهذا ماشترطه منذ البداية وكان دافعه فى ذلك حتى لايمنعه الإرتباط الرسمى من مزاولة التجارة التى احترفها ويمارسها ..ورغم حرفته ومشاغلها إلا أنه ادى وقام على اتم وجه بكل ماكان عليه من مهمات سياسية وادارية كبيرة. . كيف بدات علاقته بالديوان الملكى للملك عبد العزيز. .؟! حسب " موسوعة تاريخ الملك عبد العزيز الدبلوماسى " فقد تمت الإشارة إلى أن " خالد القرقنى قد وفد الى الحجاز عام 1929 للتجارة ومزاولة اعماله التجارية بحكم مهنته بينما يؤكد " فؤاد حمزة" ان القرقنى وصل مكة المكرمة اول عام 1930 وأنه قد نزل عند وصوله ببيته ..ورغم أن فؤاد حمزة فيما رواه عن خالد القرقنى وسيرته لم يقدم بالتفصيل كيفية التحاق القرقنى بخدمة مجلس الملك إلا أنه أكد انه (حينما عاد بعد زواجه - مايو 1930 اى فواد حمزة ) وجد ان خالد القرقنى قد دخل بصورة شبه رسمية فى الخدمة الملكية على أن يظل حرا من أى ارتباط رسمى بالمنصب ومسموح له بمزاولة التجارة وقد كان اول عمل لخالد القرقنى بالحكومة السعودية هو تعيينه بوظيفة " المعاون الاول لنائب الملك فى الحجاز " وذلك بسبتمبر 1930 لكنه سرعان ماستقال من منصبه هذا باكتوبر من نفس السنة. فقدم استقالته وتم قبولها ..وكان السبب هى مبدأ القرقنى فى القيام بواجباته لدى الملك على الوجه المطلوب منه دون ان يعيق ذلك عمله بالتجارة والتى هى مصدر رزقه وان ذلك المنصب قيده وسيمنعه من ذلك فقدم استقالته التى كانت تأكيدا على مبدأه اما " الزركلى " فيذكر باختصار أن بداية التحاقه بخدمة الملك عبد العزيز عبر مجلسه الاستشارى كانت من خلال سماعه عن القرقنى وعندما التقاه أعجب بحديثه واسلوبه وطريقة تفكيره فقد كان خالد القرقنى بحكم دوره سابقا بليبيا ذو خبرة سياسية وكان يتحدث الفرنسية والايطالية والتركية وذو المام بالتاريخ والأدب ويمتلك ملكة الكتابة فله قدرة على كتابة الرسائل الديوانية. .كل هذه المقدرات كانت كفيله ان تلفت الإنتباه إليه وإلى تميزه .. وفى حديثه معه ساله الملك كم تربح تجارتك فى العام ؟ فقال :- كذا .. فقال له :- اضاعفه لك وتعمل عندى ؟! وفى رواية اخرى ذكرها " السمارى " أن " حافظ وهبة" ( وكان ممن عملوا كمستشارين للملك عبد العزيز ) هو الذى لفت انتباه الملك عبد العزيز الى "خالد القرقنى " وتؤكد ذلك ايضا الوثائق الالمانية التى أشارت الى انه بذلك العام تم تكليف الملك عبد العزيز لخالد القرقنى مع " شكيب ارسلان " للاتصال بالشركات الالمانية .. بعد استقالة القرقنى من منصب " المعاون الاول لنائب الملك فى الحجاز " تم تعيينه عضوا فى فريق المستشارين بالديوان الملكى مع التمتع بامتيازات خاصة كان منها حرية الحضور والغياب والاهتمام فقط بما يعرض عليه من الأمور لأخذ رأيه فيها ..واستمر على هذا المنوال دون أن يحفل بأى منصب او يزاحم غيره .. من ذلك ما رواه عنه " فؤاد حمزة " من ان الملك " عبد العزيز " عهد اليه ان يتسلم رئاسة الشعبة السياسية بالديوان الملكى وذلك عام 1944 إلا أن القرقنى ومن منطلق عدم الالتزام وقبول الوظائف المسؤولة التى تقيد نشاطه التجارى اغتذر عن قبول المنصب .. ورغم ذلك فقد كان القرقنى محل ثقة الملك حتى أنه كلفه بمهام ادارية وسياسية عدة اثبت فيها جميعها كفاءته وجدارته واخلاصه..فكان فيها كما وصف " برجل المهمات الصعبة" ،وكان من بين هذه المهام :- *- رئاسة هيئة تفتيشية الى مقاطعة " جيزان " وذلك للتباحث مع الادريسى " 1932" وكان فى الهيئة رفقة وكيل المالية *( قامت ثورة الادريسى عند وصول الهيئة الى " القنفذة " ولكن الهيئة واصلت طريقها حتى الجيزان رغم ماتعرضت له من مخاطر للقيام بمهمتها ..) . *- رئاسة الوفد السعودى إلى الإمام " يحيى " فى صنعاء عام 1933 وكان يرافقه آخرون. .وقد تم تعطيل الوفد ومنعه من السفر مدة شهرين حدث خلال تلك الفترة احتلال قوات الإمام " يحيي " لنجران "وتعرض الوفد للمضايقة وانقطاع التواصل البرقى بينه وبين الملك عبد العزيز. *- قيامه بمهام التفتيش فى منطقة " الإحساء " على بعض الدوائر الحكومية رفقة وكيل المالية وذلك عام 1934. *- مثل القرقنى " الحكومة السعودية فى زيارة لبولندا " وكان ذلك لاتمام صفقة شراء أسلحة بولندية كان قد تم الإتفاق عليها مسبقا فى " جدة" مع بعثة بولندية. *- شارك القرقنى ضمن وفد الحكومة السعودية لحضور إجتماع المكتب الصحى الدولى الذى عقد بباريس 24 ابريل عام 1939 رفقة كل من د. محمود حمدى وفخرى شيخ الأرض . *- سافر إلى المانيا بصفته مبعوثا خاصا للملك عبد العزيز حيث قابل الزعيم الألمانى " هتلر " وسلمه شخصيا رسالة من الملك عبد العزيز وكان ذلك ب 17 يوليو 1939 كما مثل الحكومة السعودية فى المفاوضات التى تمت مع الحكومة الألمانية لشراء الأسلحة وكان القرقنى يتمتع بخبرة فى التعامل مع الشركات الالمانية كما سبقت الإشارة أعلاه فقد كان له زيارات عدة لألمانيا قبل هذه الزيارة . الليبية. ..الجزء (1) من الأسماء التى قد لايتذكرها الكثيرون لكنها تركت أثرها فى التاريخ المعاصر وحتى على المستوى الإقليمى...بفضل ما امتلكه من حس سياسى وإدارة حكيمة وقدرة على التصرف وانه كان شخصية لها تاريخ نضالي وسياسى على مدى حياته ولعقود طويلة * -الشيخ - خالد القرقنى ... ولد "خالد القرقنى " او " محمد خالد القرقنى " فى طرابلس الغرب عام 1882م لأسرة تجارية معروفة وكان لها شأنها ودورها فى إدارة المدينة آنذاك حيث تشير المصادر أن جده " على القرقنى " ( وبعض المصادر تقول أنه عمه ) كان قد عين شيخا لمدينة طرابلس بالعهد التركى بالقرن التاسع عشر وتحديدا عام 1858 ..واستمر كذلك حتى تكوين نظام ادارى جديد عام 1870 فأصبح اول عميد لبلدية طرابلس والذى ظل به لفترة وجيزة قبل أن يهاجر لتركيا وتوفى بإسطنبول عام 1874حسب ماكتب عنه المؤرخين والباحثين من امثال " خير الدين الزركلى " فى كتابه " كتاب الاعلام -الجزء الثانى " وفؤاد حمزة ( كان من مستشارى الملك عبد العزيز ) و (محمد سعيد القشاط -سفير ليبيا فى السعودية سابقا وصاحب كتاب -ليبيون فى الجزيرة العربية ) وفهد السمارى ..وما نشر عنه بالصحف مثل صحيفة " ام القرى " وبعض المصادر الأخرى عن اسمه ونسبه وحياته وجهاده . فقد اشتهر بإسم "خالد القرقنى " وكان يعرف أيضا ب "أبو الوليد " وأشار " الزركلى " أن اسمه " خالد بن أحمد " بينما ذكر القشاط أن اسمه " محمد خالد القرقنى " ويذكر السمارى أن إسمه بالكامل هو " خالد بن أحمد بن عياد آل هود " وفى أحد الوثائق يرد اسمه على هذه الصورة " خالد بك أبو الوليد آل هود" ..وتشير بعض المصادر إلى ان نسبته إلى جزيرة قرقنة " التونسية إلا أنه ذكر أن جذوره ترجع إلى اليمن التى هاجر منها جده إلى تونس ثم نفى إلى جزيرة قرقنة ولذلك نسب إليها واصبحت عائلته تعرف بالقرقنى ..ويؤكد القشاط أن خالد القرقنى لم يكن يعرف بليبيا بلقب " آل هود " ولا يعرف السبب فى وجود لقب آل هود وهل هو نسبة إلى آل هود الذين أسسوا إمارة بالأندلس أم لسبب آخر؟!. أما عن خالد القرقنى ونشأته..فقد درس بمدارس طرابلس وتخرج من المدرسة " الرشيدية " (كانت تضاهي وقتها -المدرسة العليا -أو المراحل المتقدمة من التعليم وكان منها المدنى ومنها العسكرى ) .. عمل بعدها بالتجارة ..ثم عينته السلطات التركية " قائمقام في منطقة " النواحي الأربعة " القريبة من طرابلس واستمر كذلك حتى بداية الغزو الايطالى ..فكان من أوائل المجاهدين الذين قاتلوا ضد الطليان إلى أن وقع "صلح او معاهدة اوشى لوزان " عام 1912 بين الإحتلال الإيطالى والسلطة العثمانية ..والتى انسحبت بموجبها القوات العثمانية من ليبيا..وانقسم الليبيون بعدها إلى فريقين ..فريق مؤيد للصلح وفريق مؤيد للحرب والمقاومة ..وكان خالد القرقنى من الفريق المؤيد للصلح والقى بذلك السلاح.. ولكن شهدت فترة الجهاد مشاركاته النضالية مع غيره من المجاهدين ودوره أيضا فيما بعد ذلك والذى اتخذ شكلا دبلوماسيا ..ولأنه كان يجيد عدة لغات فقد اختاره المجاهدون فى مراحل الغزو الايطالى الأولى للبلاد ليكون ممثلهم ومندوبهم بالمحافل الدولية ومن ذلك اختياره للذهاب إلى البرلمان الايطالى بروما لاستقطاب وكسب الأصوات المعارضة من أعضاء البرلمان للغزو الايطالى لليبيا وكان ذلك قبل ان يستولى الفاشستيين على الحكم بايطاليا .وحتى بعد مجىء الفاشيين لحكم ايطاليا وانتهاء المعارضة البرلمانية استمر فى جهوده لدعم قضية بلده فظل يلتقى بالمعارضين الايطاليين للحكم الفاشى خارج ايطاليا وذلك بسويسرا ويعقد معهم التحالفات . كما يذكر عنه انه اشترك فى معارك عدة مع المجاهدين ضد الطليان ومنها معركة الشط والهانى وعين زارة عام 1911 واستمر دوره النضالى كما أشرت إلى أن حدث انسحاب العثمانيين بعد معاهدة " لوزان " .. بعد هذا الحدث ظل مقيما بطرابلس إلى أن التحق بما عرف " بهيئة الإصلاح المركزية " والتى كانت تمثل الحكومة الوطنية لطرابلس الغرب عام 1920 وكان ممن اختارتهم الهيئة كمندوب عنها ضمن وفد " مؤتمر غريان " إلى روما أواخر عام 1920 لقيادة مفاضات مع الحكومة الايطالية هناك ونقل مطالب المجاهدين باستقلال البلاد واقامة حكومة ذاتية اسلامية موحدة لليبيا وكان الوفد برئاسة الشيخ المجاهد " محمد فرحات الزاوى" الزاوية " ويضم الوفد " محمد خالد القرقنى "طرابلس " - محمد نورى السعداوى " الخمس " -الصادق بن الحاج وعبد السلام البوصيرى .. كما سبق الإشارة ووصل الوفد بسبب صعوبات واجهته إلى هناك أوائل 1921 وبقى الوفد 9 أشهر هناك ورغم محاولات الوفد المتواصلة إلا أنه لم يكتب له الوصول إلى أى نتائج وباءت مهمة الوفد بالفشل وعاد الوفد للوطن بينما بقى الشيخ القرقنى بايطاليا فى محاولات مستمرة لجهوده فى الحصول على رد ايجابى لمطالب طرابلس ولما لم تنجح جهوده غادر لفرنسا ثم تونس وبرا إلى طرابلس عارضا نتائج زيارته على " هيئة الإصلاح المركزية " تم اختياره مرة أخرى من قبل الهيئة ضمن وفدها فى مفاوضات " فندق الشريف " بمارس 1922 وكان بالوفد كل من "مختار بك كعبار - فرحات بك الزاوى - عبد الرحمن بك عزام -الصويعى الخيتونى -احمد بك السويحلى -احمد بك المريض - حسين افندى بن جابر - عثمان القيزانى -عمر ابو دبوس - وغيرهم العديد " وباءت المفاوضات ايضا بالفشل . ومع دوره النضالى كان أيضا مهتما لتجارته التى كانت مهنته الاساسية .إلا أن ذلك لم يمنعه من أن تكون صلته بالسياسة مستمرة بشكل أو بآخر واختيار مقاومة الاحتلال ومناهضته من خلال الحراك السياسى فبعد اختياره من ضمن الوفد الليبى الذى أرسل الى روما بعد " مؤتمر غريان " الذى شارك به بنوفمبر عام 1920 مع العديد من زعماء وكبار أعيان المجاهدين الطرابلسيين من ضمنهم صهريه " الشيخ المجاهد " احمد راسم بك كعبار " و المجاهد السيد عبد الرحمن بك عزام " والذى أصبح فيما بعد أول أمين للجامعة العربية بالقاهرة وكذلك صديقه السيد المجاهد "بشير السعداوى " (عمل السيد بشير السعداوى ايضا كمستشار للملك عبد العزيز لفترة معينة قبل ان يعود لليبيا ثم يستقر بمصر ) كما ذكرت سافر الى موسكو بالاتحاد السوفييتى وقتها لحضور " مؤتمر مناهضة الاستعمار " والذى عقد وقتها بيونيو عام 1921 وكان ذلك رفقة السياسى والمجاهد "مصطفى ميزران" والتقيا خلال وجودهما هناك بالزعيم الروسى -زعيم الثورة البلشفية ومؤسس المذهب السياسى اللينينى ورئيس الحزب الشيوعى " فلاديمير لينين " وعرضا عليه قضية بلدهما والحرب مع ايطاليا. ويذكر " محمد سعيد القشاط " أنه أول عربى يسافر الى موسكو عام 1917 لتهنئة الروس بالثورة البلشفية ... من رحلته لموسكو لحضور المؤتمر المذكور اتجه منها الى تونس ليعود الى ليبيا وليعود هذه المرة مجددا الى ميدان الحرب ضد الطليان وذلك بمنطقة "الجبل الغربى " وينضم لقادة المقاومة بجبل نفوسة ومنهم " سوف وابنه عون المحمودى وعبد الله تامسكت " ومع احتلال الطليان للجبل و مطاردات المستعمرين المستمرة له ولمن معه ارتحل من منطقة لاخرى لترهونة وغيرها حتى استقر فى "السدادة " وذلك عام 1923 حيث حضر هناك آخر إجتماع للهيئة المركزية.. ثم غادرها الى "سرت "ومنها إلى" جالو" ثم "الجغبوب " ثم "سيوة" حيث دخل مصر عام 1924 مع مجموعة من المجاهدين بعد سقوط المقاومة بالغرب الليبى وطالبت ايطاليا بتسليمهم وقتها إلا أن خالد القرقنى استطاع الخروج من مصر والوصول الى اسطنبول بتركيا حيث اقام هناك وتحصل على الجنسية التركية بينما تم مصادرة املاكه فى ليبيا بموجب قرار اصدرته سلطات الاحتلال الإيطالي كما تم مصادرة املاك غيره من قيادات المجاهدين وذلك عام 1925.. .ومما تذكره الكتابات والمصادر عنه ايضا انه هاجر فى العشرينات بعد احتلال ايطاليا لغريان وطرابلس وفزان إلى سوريا واستقر لفترة بدمشق مع كل من السيد "عمر فائق شنيب -بشير السعداوى وفوزى النعاس وعبد الغنى الباجقنى وغيرهم من الذين هاجروا لسوريا تلك الفترة * القرقنى والجزيرة العربية والحجاز .. كان هذا الجزء الخاص بنشأته وحياته ودوره بليبيا ليبدأ بعدها دور آخر له وله أيضا علاقة بالسياسة ولكن خارح حدود الوطن ..بالجزيرة العربية وتحديدا بالسعودية .. فقد كان بذلك الوقت بدايات القرن العشرين .. يؤكد بعض الباحثين ان الملك "عبد العزيز " هو الحاكم العربى الوحيد الذى أحاط به مستشارون من معظم الجنسيات العربية وكان يستعين بهم وبمشوراتهم دونما تحفظ او تمييز وكان ديوانه اول وآخر مجلس حكم منذ الدولة العباسية والذى يوجد به مستشارون من مصر وسوريا وليبيا والعراق ولبنان وفلسطين يستعين بهم ويستشيرهم ويأخذ بما يراه مناسبا من أرائهم بمختلف القضايا. وكان الليبى "خالد القرقنى ضمن الدفعة الثانية من المستشارين العرب الذين التحقوا بخدمة الملك"عبد العزيز " فقد كانت هناك دفعة قبله سبقته من المستشارين العرب ابرزهم " الدملوجى -حافظ وهبة -'يوسف ياسين -فؤاد حمزة - رشدي ملحس " وقد تميز خالد القرقنى عن تلك المجموعة وعن غيره من المستشارين بأنه لم يكن مرتبطا بوظيفة رسمية او مناصب ادارية تقيده وهذا ماشترطه منذ البداية وكان دافعه فى ذلك حتى لايمنعه الإرتباط الرسمى من مزاولة التجارة التى احترفها ويمارسها ..ورغم حرفته ومشاغلها إلا أنه ادى وقام على اتم وجه بكل ماكان عليه من مهمات سياسية وادارية كبيرة. . كيف بدات علاقته بالديوان الملكى للملك عبد العزيز. .؟! حسب " موسوعة تاريخ الملك عبد العزيز الدبلوماسى " فقد تمت الإشارة إلى أن " خالد القرقنى قد وفد الى الحجاز عام 1929 للتجارة ومزاولة اعماله التجارية بحكم مهنته ..بينما يؤكد " فؤاد حمزة" ان القرقنى وصل مكة المكرمة اول عام 1930 وأنه قد نزل عند وصوله ببيته ..ورغم أن فؤاد حمزة فيما رواه عن خالد القرقنى وسيرته لم يقدم بالتفصيل كيفية التحاق القرقنى بخدمة مجلس الملك إلا أنه أكد انه (حينما عاد بعد زواجه - مايو 1930 اى فواد حمزة ) وجد ان خالد القرقنى قد دخل بصورة شبه رسمية فى الخدمة الملكية على أن يظل حرا من أى ارتباط رسمى بالمنصب ومسموح له بمزاولة التجارة وقد كان اول عمل لخالد القرقنى بالحكومة السعودية هو تعيينه بوظيفة " المعاون الاول لنائب الملك فى الحجاز " وذلك بسبتمبر 1930 لكنه سرعان ماستقال من منصبه هذا باكتوبر من نفس السنة. فقدم استقالته وتم قبولها ..وكان السبب هى مبدأ القرقنى فى القيام بواجباته لدى الملك على الوجه المطلوب منه دون ان يعيق ذلك عمله بالتجارة والتى هى مصدر رزقه وان ذلك المنصب قيده وسيمنعه من ذلك فقدم استقالته التى كانت تأكيدا على مبدأه اما " الزركلى " فيذكر باختصار أن بداية التحاقه بخدمة الملك عبد العزيز عبر مجلسه الاستشارى كانت من خلال سماعه عن القرقنى وعندما التقاه أعجب بحديثه واسلوبه وطريقة تفكيره فقد كان خالد القرقنى بحكم دوره سابقا بليبيا ذو خبرة سياسية وكان يتحدث الفرنسية والايطالية والتركية وذو المام بالتاريخ والأدب ويمتلك ملكة الكتابة فله قدرة على كتابة الرسائل الديوانية. .كل هذه المقدرات كانت كفيله ان تلفت الإنتباه إليه وإلى تميزه .. وفى حديثه معه ساله الملك كم تربح تجارتك فى العام ؟ فقال :- كذا .. فقال له :- اضاعفه لك وتعمل عندى ؟! وفى رواية اخرى ذكرها " السمارى " أن " حافظ وهبة" ( وكان ممن عملوا كمستشارين للملك عبد العزيز ) هو الذى لفت انتباه الملك عبد العزيز الى "خالد القرقنى " وتؤكد ذلك ايضا الوثائق الالمانية التى أشارت الى انه بذلك العام تم تكليف الملك عبد العزيز لخالد القرقنى مع " شكيب ارسلان " للاتصال بالشركات الالمانية .. بعد استقالة القرقنى من منصب " المعاون الاول لنائب الملك فى الحجاز " تم تعيينه عضوا فى فريق المستشارين بالديوان الملكى مع التمتع بامتيازات خاصة كان منها حرية الحضور والغياب والاهتمام فقط بما يعرض عليه من الأمور لأخذ رأيه فيها ..واستمر على هذا المنوال دون أن يحفل بأى منصب او يزاحم غيره .. من ذلك ما رواه عنه " فؤاد حمزة " من ان الملك " عبد العزيز " عهد اليه ان يتسلم رئاسة الشعبة السياسية بالديوان الملكى وذلك عام 1944 إلا أن القرقنى ومن منطلق عدم الالتزام وقبول الوظائف المسؤولة التى تقيد نشاطه التجارى اغتذر عن قبول المنصب .. ورغم ذلك فقد كان القرقنى محل ثقة الملك حتى أنه كلفه بمهام ادارية وسياسية عدة اثبت فيها جميعها كفاءته وجدارته واخلاصه..فكان فيها كما وصف " برجل المهمات الصعبة" ،وكان من بين هذه المهام :- *- رئاسة هيئة تفتيشية الى مقاطعة " جيزان " وذلك للتباحث مع الادريسى " 1932" وكان فى الهيئة رفقة وكيل المالية *( قامت ثورة الادريسى عند وصول الهيئة الى " القنفذة " ولكن الهيئة واصلت طريقها حتى الجيزان رغم ماتعرضت له من مخاطر للقيام بمهمتها ..) . *- رئاسة الوفد السعودى إلى الإمام " يحيى " فى صنعاء عام 1933 وكان يرافقه آخرون. .وقد تم تعطيل الوفد ومنعه من السفر مدة شهرين حدث خلال تلك الفترة احتلال قوات الإمام " يحيي " لنجران "وتعرض الوفد للمضايقة وانقطاع التواصل البرقى بينه وبين الملك عبد العزيز. *- قيامه بمهام التفتيش فى منطقة " الإحساء " على بعض الدوائر الحكومية رفقة وكيل المالية وذلك عام 1934. *- مثل القرقنى " الحكومة السعودية فى زيارة لبولندا " وكان ذلك لاتمام صفقة شراء أسلحة بولندية كان قد تم الإتفاق عليها مسبقا فى " جدة" مع بعثة بولندية. *- شارك القرقنى ضمن وفد الحكومة السعودية لحضور إجتماع المكتب الصحى الدولى الذى عقد بباريس 24 ابريل عام 1939 رفقة كل من د. محمود حمدى وفخرى شيخ الأرض . *- سافر إلى المانيا بصفته مبعوثا خاصا للملك عبد العزيز حيث قابل الزعيم الألمانى " هتلر " وسلمه شخصيا رسالة من الملك عبد العزيز وكان ذلك ب 17 يوليو 1939 كما مثل الحكومة السعودية فى المفاوضات التى تمت مع الحكومة الألمانية لشراء الأسلحة وكان القرقنى يتمتع بخبرة فى التعامل مع الشركات الالمانية كما سبقت الإشارة أعلاه فقد كان له زيارات عدة لألمانيا قبل هذه الزيارة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق