الجمعة، 23 ديسمبر 2022

 

الأعشى وله قصيدتان

04  بانت سعاد وأمسى حبلها انقطعا – عدد الأبيات : 73

05 بانت سعاد وأمسى حبلها رابا - الأعشى عدد ابياتها 29

بانت سعاد وأمسى حبلها انقطعا

♦04     بانت سعاد وأمسى حبلها انقطعا – الأعشى

بانَت سُعادُ وَأَمسى حَبلُها اِنقَطَعا وَاِحتَلَّتِ الغَمرَ فَالجُدَّينِ فَالفَرعا وَأَنكَرَتني وَما كانَ الَّذي نَكِرَت مِنَ الحَوادِثِ.

بانَت سُعادُ وَأَمسى حَبلُها اِنقَطَعا .. وَاِحتَلَّتِ الغَمرَ فَالجُدَّينِ فَالفَرعا

وَأَنكَرَتني وَما كانَ الَّذي نَكِرَت .. مِنَ الحَوادِثِ إِلّا الشَيبَ وَالصَلَعا

قَد يَترُكُ الدَهرُ في خَلقاءَ راسِيَةٍ .. وَهياً وَيُنزِلُ مِنها الأَعصَمَ الصَدَعا

بانَت وَقَد أَسأَرَت في النَفسِ حاجَتَها .. بَعدَ اِئتِلافٍ وَخَيرُ الوُدِّ ما نَفَعا

وَقَد أَرانا طِلاباً هَمَّ صاحِبِهِ .. لَو أَنَّ شَيئاً إِذا ما فاتَنا رَجَعا

تَعصي الوُشاةَ وَكانَ الحُبُّ آوِنَةً .. مِمّا يُزَيِّنُ لِلمَشغوفِ ما صَنَعا

وَكانَ شَيءٌ إِلى شَيءٍ فَفَرَّقَهُ .. دَهرٌ يَعودُ عَلى تَشتيتِ ما جَمَعا

وَما طِلابُكَ شَيئاً لَستَ مُدرِكَهُ .. إِن كانَ عَنكَ غُرابُ الجَهلِ قَد وَقَعا

تَقولُ بِنتي وَقَد قَرَّبتُ مُرتَحَلاً .. يا رَبِّ جَنِّب أَبي الأَوصابَ وَالوَجَعا

وَاِستَشفَعَت مِن سَراةَ الحَيِّ ذا شَرَفٍ .. فَقَد عَصاها أَبوها وَالَّذي شَفَعا

مَهلاً بُنَيَّ فَإِنَّ المَرءَ يَبعَثُهُ .. هَمٌّ إِذا خالَطَ الحَيزومَ وَالضِلَعا

عَلَيكِ مِثلُ الَّذي صَلَّيتِ فَاِغتَمِضي .. يَوماً فَإِنَّ لِجَنبِ المَرءِ مُضطَجَعا

وَاِستَخبِري قافِلَ الرُكبانِ وَاِنتَظِري .. أَوبَ المُسافِرِ إِن رَيثاً وَإِن سَرعا

كوني كَمِثلِ الَّتي إِذ غابَ وافِدُها .. أَهدَت لَهُ مِن بَعيدٍ نَظرَةً جَزَعا

وَلا تَكوني كَمَن لا يَرتَجي أَوبَةً .. لِذي اِغتِرابٍ وَلا يَرجو لَهُ رِجَعا

ما نَظَرَت ذاتُ أَشفارٍ كَنَظرَتِها .. حَقّاً كَما صَدَقَ الذِئبِيُّ إِذ سَجَعا

إِذ نَظَرَت نَظرَةً لَيسَت بِكاذِبَةٍ .. إِذ يَرفَعُ الآلُ رَأسَ الكَلبِ فَاِرتَفَعا

وَقَلَّبَت مُقلَةً لَيسَت بِمُقرِفَةٍ .. إِنسانَ عَينِ وَمُؤقاً لَم يَكُن قَمعا

قالَت أَرى رَجُلاً في كَفِّهِ كَتِفٌ .. أَو يَخصِفُ النَعلَ لَهفي أَيَّةً صَنَعا

فَكَذَّبوها بِما قالَت فَصَبَّحَهُم .. ذو آلِ حَسّانَ يُزجي المَوتَ وَالشِرَعا

فَاِستَنزَلوا أَهلَ جَوٍّ مِن مَساكِنِهِم .. وَهَدَّموا شاخِصَ البُنيانِ فَاِتَّضَعا

وَبَلدَةٍ يَرهَبُ الجَوّابُ دُلجَتَها .. حَتّى تَراهُ عَلَيها يَبتَغي الشِيَعا

لا يَسمَعُ المَرءُ فيها ما يُؤَنِّسُهُ .. بِاللَيلِ إِلّا نَئيمَ البومِ وَالضُوَعا

كَلَّفتُ مَجهولَها نَفسي وَشايَعَني .. هَمّي عَلَيها إِذا ما آلُها لَمَعا

بِذاتِ لَوثٍ عَفَرناةٍ إِذا عَثَرَت .. فَالتَعسُ أَدنى لَها مِن أَن أَقولَ لَعا

تَلوي بِعِذقِ خِصابٍ كُلَّما خَطَرَت .. عَن فَرجِ مَعقومَةٍ لَم تَتَّبِع رُبَعا

تَخالُ حَتماً عَلَيها كُلَّما ضَمَرَت .. مِنَ الكَلالِ بِأَن تَستَوفِيَ النِسعا

كَأَنَّها بَعدَما أَفضى النَجادُ بِها .. بِالشَيَّطَينِ مَهاةٌ تَبتَغي ذَرَعا

أَهوى لَها ضابِئٌ في الأَرضِ مُفتَحِصٌ .. لِلحَمِ قِدماً خَفِيُّ الشَخصِ قَد خَشَعا

فَظَلَّ يَخدَعُها عَن نَفسِ واحِدِها .. في أَرضِ فَيءٍ بِفِعلٍ مِثلُهُ خَدَعا

حانَت لِيَفجَعَها بِاِبنٍ وَتُطعِمَهُ .. لَحماً فَقَد أَطعَمَت لَحماً وَقَد فَجَعا

فَظَلَّ يَأكُلُ مِنها وَهيَ راتِعَةٌ .. حَدَّ النَهارِ تُراعي ثيرَةً رُتُعا

حَتّى إِذا فيقَةٌ في ضَرعِها اِجتَمَعَت .. جاءَت لِتُرضِعَ شِقِّ النَفسِ لَو رَضَعا

عَجلاً إِلى المَعهَدِ الأَدنى فَفاجَأَها .. أَقطاعُ مَسكٍ وَسافَت مِن دَمٍ دُفَعا

فَاِنصَرَفَت فاقِداً ثَكلى عَلى حَزَنٍ .. كُلٌّ دَهاها وَكُلٌّ عِندَها اِجتَمَعا

وَذاكَ أَن غَفَلَت عَنهُ وَما شَعَرَت .. أَنَّ المَنِيَّةَ يَوماً أَرسَلَت سَبُعا

حَتّى إِذا ذَرَّ قَرنُ الشَمسِ صَبَّحَها .. ذُؤالُ نَبهانَ يَبغي صَحبَهُ المُتَعا

بِأَكلُبٍ كَسِراعِ النَبلِ ضارِيَةٍ .. تَرى مِنَ القِدِّ في أَعناقِها قِطَعا

فَتِلكَ لَم تَتَّرِك مِن خَلفِها شَبَهاً .. إِلّا الدَوابِرَ وَالأَظلافَ وَالزَمَعا

أَنضَيتُها بَعدَما طالَ الهِبابُ بِها .. تَأُمَّ هَوذَةَ لا نِكساً وَلا وَرَعا

يا هَوذَ إِنَّكَ مِن قَومٍ ذَوي حَسَبٍ .. لا يَفشَلونَ إِذا ما آنَسوا فَزَعا

هُمُ الخَضارِمُ إِن غابوا وَإِن شَهِدوا .. وَلا يُرَونَ إِلى جاراتِهِم خُنعا

قَومٌ بُيوتُهُمُ أَمنٌ لِجارِهِمُ .. يَوماً إِذا ضَمَّتِ المَحضورَةُ الفَزَعا

وَهُم إِذا الحَربُ أَبدَت عَن نَواجِذِها .. مِثلُ اللُيوثِ وَسُمٍّ عاتِقٍ نَقَعا

غَيثُ الأَرامِلِ وَالأَيتامِ كُلِّهِمُ .. لَم تَطلُعِ الشَمسُ إِلّا ضِرَّ أَو نَفَعا

مَن يَلقَ هَوذَةَ يَسجُد غَيرَ مُتَّئبٍ .. إِذا تَعَصَّبَ فَوقَ التاجِ أَو وَضَعا

لَهُ أَكاليلُ بِالياقوتِ زَيَّنَها .. صُوّاغُها لا تَرى عَيباً وَلا طَبَعا

وَكُلُّ زَوجٍ مِنَ الديباجِ يَلبَسُهُ .. أَبو قُدامَةَ مَحبوّاً بِذاكَ مَعا

لَم يَنقُصِ الشَيبُ مِنهُ ما يُقالُ لَهُ .. وَقَد تَجاوَزَ عَنهُ الجَهلُ فَاِنقَشَعا

أَغَرُّ أَبلَجُ يُستَسقى الغَمامُ بِهِ .. لَو صارَعَ الناسَ عَن أَحلامِهِم صَرعا

قَد حَمَّلوهُ فَتِيَّ السِنِّ ما حَمَلَت .. ساداتُهُم فَأَطاقَ الحِملَ وَاِضطَلَعا

وَجَرَّبوهُ فَما زادَت تَجارِبُهُم .. أَبا قُدامَةَ إِلّا الحَزمَ وَالفَنَعا

مَن يَرَ هَوذَةَ أَو يَحلُل بِساحَتِهِ .. يَكُن لِهَوذَةَ فيما نابَهُ تَبَعا

تَلقى لَهُ سادَةَ الأَقوامِ تابِعَةً .. كُلٌّ سَيَرضى بِأَن يُرعى لَهُ تَبعا

يا هَوذُ يا خَيرَ مَن يَمشي عَلى قَدَمٍ .. بَحرَ المَواهِبِ لِلوُرّادِ وَالشَرَعا

يَرعى إِلى قَولِ ساداتِ الرِجالِ إِذا .. أَبدَوا لَهُ الحَزمَ أَو ما شاءَهُ اِبتَدَعا

وَما مُجاوِرُ هيتٍ إِن عَرَضتَ لَهُ .. قَد كانَ يَسمو إِلى الجُرفَينِ وَاِطَّلَعا

يَجيشُ طوفانُهُ إِذ عَبَّ مُحتَفِلاً .. يَكادُ يَعلو رُبى الجُرفَينِ مُطَّلِعا

طابَت لَهُ الريحُ فَاِمتَدَّت غَوارِبُهُ .. تَرى حَوالِبَهُ مِن مَوجِهِ تَرَعا

يَوماً بِأَجوَدَ مِنهُ حينَ تَسأَلُهُ .. إِذ ضَنَّ ذو المالِ بِالإِعطاءِ أَو خَدَعا

سائِل تَميماً بِهِ أَيّامَ صَفقَتِهِم .. لَمّا أَتَوهُ أَسارى كُلَّهُم ضَرَعا

وَسطَ المُشَقَّرِ في عَيطاءَ مُظلِمَةٍ .. لا يَستَطيعونَ فيها ثَمَّ مُمتَنَعا

لَو أُطعِموا المَنَّ وَالسَلوى مَكانَهُمُ .. ما أَبصَرَ الناسُ طُعماً فيهِمُ نَجَعا

بِظُلمِهِم بِنِطاعِ المَلكَ ضاحِيَةً .. فَقَد حَسَوا بَعدُ مِن أَنفاسِهِم جُرَعا

أَصابَهُم مِن عِقابِ المَلكِ طائِفَةٌ .. كُلُّ تَميمٍ بِما في نَفسِهِ جُدِعا

فَقالَ لِلمَلكِ سَرِّح مِنهُمُ مِئَةً .. رِسلاً مِنَ القَولِ مَخفوضاً وَما رَفَعا

فَفَكَّ عَن مِئَةٍ مِنهُم وِثاقَهُمُ .. فَأَصبَحوا كُلَّهُم مِن غُلَّةِ خُلِعا

بِهِم تَقَرَّبَ يَومَ الفِصحِ ضاحِيَةً .. يَرجو الإِلَهَ بِما سَدّى وَما صَنَعا

وَما أَرادَ بِها نُعمى يُثابُ بِها .. إِن قالَ كَلمَةَ مَعروفٍ بِها نَفَعا

فَلا يَرَونَ بِذاكُم نِعمَةً سَبَقَت .. إِن قالَ قائِلُها حَقّاً بِها وَسَعى

لا يَرقَعُ الناسُ ما أَوهى وَإِن جَهَدوا .. طولَ الحَياةِ وَلا يوهونَ ما رَقَعا

لَمّا يُرِد مِن جَميعٍ بَعدُ فَرَّقَهُ .. وَما يُرِد بَعدُ مِن ذي فُرقَةٍ جَمَعا

قَد نالَ أَهلَ شَبامٍ فَضلُ سُؤدَدِهِ .. إِلى المَدائِنِ خاضَ المَوتَ وَاِدَّرَعا

هو ميمون بن قيس بن جندل بن شراحيل بن عوف بن سعد بن ضُبيعة، من بني قيس بن ثعلبة، وصولًا إلى علي بن بكر بن وائل، وانتهاء إلى ربيعة بن نزار وأبوه قيس بن جندل هو الذي سمّي بقتيل الجوع، سمّاه بذلك الشاعر جهنّام في معرض التهاجي فقال: أبوك قتيلُ الجوع قيس بن جندلٍ- وخالُك عبدٌ من خُماعة راضعُ وتفسير ذلك أن قيسًا لجأ إلى غار في يوم شديد الحرارة فوقعت صخرة كبيرة سدّت عليه مدخل ذلك الغار فمات جوعًا. يفهم من قول ابن قتيبة: وكان ميمون بن قيس- أعمى، أن لقبه كما يرى- إنّما لحقه بسبب ذهاب بصره، ولعلّ الذين كنّوه بأبي بصير، فعلوا ذلك تفاؤلًا أو تلطفًا، أو إعجابًا ببصيرته القوية، ولذا ربطوا بين هذا الواقع الأليم وبين كنيته "أبي بصير" لكنّ آخرين لم يذهبوا هذا المذهب والعشى في نظرهم تبعًا لدلالته اللغوية ليس ذهاب البصر بل ضعفه، فلئن كان الأعشى لا يبصر ليلًا فلا شيء يحول دون أن يكون سليم البصر نهارًا. ومن هذه الزاوية اللغوية على الأرجح كنّي الأعشى بأبي بصير بباعث الثناء على توقّد بصيرته، وتعويضًا يبعث على الرضا في مقابل سوء بصر، ولعلّ ما جاء في شعر الأعشى حين طلبت إليه ابنته- كما قال في بعض قصائده- البقاء إلى جانبها لتجد بقربه الأمن والسلام ولتطمئن عليه بالكفّ عن الترحال وتحمل مصاعب السفر والتجوال- هو الأقرب إلى تصوير واقعه وحقيقة بصره، فهو يصف ما حلّ به في أواخر حياته من الضعف بعد أن ولّى شبابه وذهب بصره أو كاد وبات بحاجة إلى من يقوده ويريه طريقه، وإلى عصاه يتوكأ عليها، هكذا يصف نفسه فيقول: رأتْ رجُلًا غائب الوافدي- ن مُخلِف الخَلْق أعشى ضَريرًا وأما تفسير لقب الأعشى الآخر- أي: "صنّاجة العرب"- فمختلف فيه هو الآخر، فقد سمّي- كذلك- لأنه أول من ذكر الصّنج في شعره، إذ قال: ومُستجيبٍ لصوتِ الصَّنْج تَسَمعُهُ- إذا تُرَجِّع فيه القينةُ الفُضلُ لكن أبا الفرج أورد تعليلًا مخالفًا حين نقل عن أبي عبيدة قوله: وكان الأعشى غنّى في شعره، فكانت العرب تسميه صنّاجة العرب. وإلى مثل هذا أشار حمّاد الرواية حين سأله أبو جعفر المنصور عن أشعر النّاس، فقال "نعم ذلك الأعشى صنّاجها".

 

 

الأعشى وله قصيدتان

05♦ بانت سعاد وأمسى حبلها رابا – الأعشى عدد ابياتها 29

05 ♦بانت سعاد وأمسى حبلها رابا - الأعشى

بانَت سُعادُ وَأَمسى حَبلُها رابا .. وَأَحدَثَ النَأيُ لي شَوقاً وَأَوصابا

 

بانَت سُعادُ وَأَمسى حَبلُها رابا.. وَأَحدَثَ النَأيُ لي شَوقاً وَأَوصابا

وَأَجمَعَت صُرمَنا سُعدى وَهِجرَتَنا.. لَمّا رَأَت أَنَّ رَأسي اليَومَ قَد شابا

أَيّامَ تَجلو لَنا عَن بارِدٍ رَتِلٍ.. تَخالُ نَكهَتَها بِاللَيلِ سُيّابا

وَجيدِ مُغزِلَةٍ تَقرو نَواجِذُها.. مِن يانِعِ المَردِ ما اِحلَولى وَما طابا

وَعَينِ وَحشِيَّةٍ أَغفَت فَأَرَّقَها.. صَوتُ الذِئابِ فَأَوفَت نَحوَهُ دابا

هِركَولَةٌ مِثلُ دِعصِ الرَملِ أَسفَلُها.. مَكسُوَّةٌ مِن جَمالِ الحُسنِ جِلبابا

تُميلُ جَثلاً عَلى المَتنَينِ ذا خُصَلٍ.. يَحبو مَواشِطَهُ مِسكاً وَتَطيابا

رُعبوبَةٌ فُنُقٌ خُمصانَةٌ رَدَحٌ.. قَد أُشرِبَت مِثلَ ماءِ الدُرِّ إِشرابا

وَمَهمَهٍ نازِحٍ قَفرٍ مَسارِبُهُ.. كَلَّفتُ أَعيَسَ تَحتَ الرَحلِ نَعّابا

يُنبي القُتودَ بِمِثلِ البُرجِ مُتَّصِلاً.. مُؤَيَّداً قَد أَنافوا فَوقَهُ بابا

كَأَنَّ كوري وَميسادي وَميثَرَتي.. كَسَوتُها أَسفَعَ الخَدَّينِ عَبعابا

أَلجاهُ قَطرٌ وَشَفّانٌ لِمُرتَكِمٍ.. مِنَ الأَميلِ عَلَيهِ البَغرُ إِكثابا

وَباتَ في دَفِّ أَرطاةٍ يَلوذُ بِها.. يَجري الرَبابُ عَلى مَتنَيهِ تَسكابا

تَجلو البَوارِقُ عَن طَيّانَ مُضطَمِرٍ.. تَخالُهُ كَوكَباً في الأُفقِ ثَقّابا

حَتّى إِذا ذَرَّ قَرنُ الشَمسِ أَو كَرَبَت.. أَحَسَّ مِن ثُعَلٍ بِالفَجرِ كَلّابا

يُشلي عِطافاً وَمَجدولاً وَسَلهَبَةً.. وَذا القِلادَةِ مَحصوفاً وَكَسّابا

ذو صِبيَةٍ كَسبُ تِلكَ الضارِياتِ لَهُم.. قَد حالَفوا الفَقرَ وَاللَأواءَ أَحقابا

فَاِنصاعَ لا يَأتَلي شَدّاً بِخَذرَفَةٍ.. تَرى لَهُ مِن يَقينِ الخَوفِ إِهذابا

وَهُنَّ مُنتَصِلاتٌ كُلَّها ثَقِفٌ.. تَخالُهُنَّ وَقَد أُرهِقنَ نَشّابا

لَأياً يُجاهِدُها لا يَأتَلي طَلَباً.. حَتّى إِذا عَقلُهُ بَعدَ الوَنى ثابا

فَكَرَّ ذو حَربَةٍ تَحمي مَقاتِلَهُ.. إِذا نَحا لِكُلاها رَوقَهُ صابا

لَمّا رَأَيتُ زَماناً كالِحاً شَبِماً.. قَد صارَ فيهِ رُؤوسُ الناسِ أَذنابا

يَمَّمتُ خَيرَ فَتىً في الناسِ كُلَّهُمُ.. الشاهِدينَ بِهِ أَعني وَمَن غابا

لَمّا رَآني إِياسٌ في مُرَجَّمَةٍ.. رَثَّ الشَوارِ قَليلَ المالِ مُنشابا

أَثوى ثَواءَ كَريمٍ ثُمَّ مَتَّعَني.. يَومَ العُروبَةِ إِذ وَدَّعتُ أَصحابا

بِعَنتَريسٍ كَأَنَّ الحُصَّ ليطَ بِها.. أَدماءَ لا بَكرَةً تُدعى وَلا نابا

وَالرِجلُ كَالرَوضَةِ المِحلالِ زَيَّنَها.. نَبتُ الخَريفِ وَكانَت قَبلُ مِعشابا

جَزى الإِلَهُ إِياساً خَيرَ نِعمَتِهِ.. كَما جَزى المَرءَ نوحاً بَعدَما شابا

في فُلكِهِ إِذ تَبَدّاها لِيَصنَعَها.. وَظَلَّ يَجمَعُ أَلواحاً وَأَبوابا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق